الأحد، 3 يونيو 2018

نهاية أسطورة محمد رمضان




استطاع محمد رمضان خلال فترة وجيزة من الزمن أن يحظي بشعبية كبيرة، من خلال مجموعة من الأفلام والمسلسلات وأصبح وجبة دسمة يتناولها الصائمين علي الفطار كل ليلة خلال ثلاثين يوما هي حصيلة حلقات مسلسلة سواء كان "الأسطورة" أو "نسر الصعيد" الذي يعرض حالياً علي الشاشة الصغيرة، متخطيا الكثير من أبناء جيله، لكنه سقط هذا العام في دوامة التكرار الذي عاني منه الزعيم عادل إمام خلال السنوات الماضية التي جعلت منه نسخة متكررة كل عام في رمضان.
إمام تحرر هذا العام من كاتبه المفضلة يوسف معاطي، واستعان بمجموعة من الشباب الجدد لكتابة مسلسله الذي يعرض حاليا "عوالم خفية" رغم أن القصة متكررة لكن التناول مختلف جعلها تحظي بنسبة مشاهدة عالية جدا، مقارنة بما كان يحدث في الماضي من سقوط مدوي.

ما الفرق بين ما فعله محمد رمضان في الأسطورة ونسر الصعيد؟ الحقيقة لا يوجد فرق بين العملين، حيث قام  بتجسيد شخصيتين في العمل الأول رفاعي وناصر الدسوقي وفي العمل الثاني الوالد والأبن، بالإضافة إلي التشابه بين وفاة الشخصتين في العملين، وفشله في الإلتحاق بوظيفة وكيل نيابة، لكنه ينجح في الإلتحاق بكلية الشرطة في نسر الصعيد، بالإضافة إلي استنساخ مشاهد مشابهة حدث في العمل الأول لكون جارته أو قريبته التي تقع في حبه، ولكنه يتركها ويبحث عن فتاة أخري تفوقه ثراء بالإضافة إلي المبالغة في المشاهد حيث لا يعقل أن يخلع ضابط شرطة ملابسه أمام الناس ويعتدي علي كل من يقابله، ففي هذه الحالة يتحول الضابط الذي يحمي القانون إلي بلطجي يمارس سطوته وجبروته علي خلق الله.
مسلسلات محمد رمضان تفكرني بأفلام الثمانينات وأوائل التسعينات للممثل الهندي أميتاب باتشان، عندما كنا نلتف ونحن صغار أمام شاشة التليفزيون المصري في الأعياد لمشاهدة فيلم لأميتاب،  الذي يفعل كل شيء في أي وقت وكيفا شاء، بالإضافة إلي كونه لا يهزم أبدا، حتي عندما كان يصاب الممثل الهندي الخارق للعادة، كنا نضع أيدينا علي قلوبنا خوفا من موته، وكان يموت مائة شخص في الفيلم ولا يهمنا المهم أن يعيش بطلنا المغوار، كنا صغارا وشباب تستهوينا هذا النوعية من الأفلام الساذجة التي تفرغ الطاقة داخلنا، هكذا يفعل محمد رمضان في مسلسلاته الخارقة التي يفعل فيها كل شيء برحته، البداية والنهاية له، وبينهما مجرد وجوه تساعده فقط.

محمد رمضان يستهوي العديد من الشباب الفقير الباحث عن الطموح، هو بديل عن حالة الأنكسار الذي يعيشها في حياته، هو صلاح الدين الأيوبي، الشاطر حسن، سبايدر مان الخارق الذي يقع في حبه البنات ويجري وراءه الرجال بسبب عدله وكرمه وإنساينته المفرطة وكأنه نبي هذا الزمان الذي لا يخطأ أبدا هذا ليست دراما بل نصائح يقدمها رمضان.
راهن محمد رمضان علي وجوده في المسلسل فهو كفيل بنجاحه، لكنه خسر بكل تأكيد وسقط فريسه سهلة في يد مخرج الكليبات ياسر سامي، من المؤكد أنه لديه رؤية فيما فعله في الأعمال الذي أخرجها، حيث شارك في العديد  من الأغانى المصورة للكثير من النجوم، ويتميز سامي في الكليبات بإضافة الخدع السينمائية والمؤثرات البصرية، لكنه لم يوفق في مسلسل نسر الصعيد، الذي وقع فريسة أخطاء ساذجة لا يقع فيها مخرج مبتديء، هناك فرق بين مخرج الكليبات التي لا يتعدي وقتها الخمس دقائق وبين مسلسل ثلاثين حلقة، تحتاج إلي تركيز وجهد وعمل.

هناك فرق ساشع هذا العام بين محمد رمضان الذي نعرفه وبين ما يفعله هذا العام في نسر الصعيد، وجعله يترنح، ومن المؤكد سوف ينضم إلى عشرات الممثلين الذي ظهروا فجأة واختفو دون أن يحس بهم أحد، كما حدث لمحمد سعد في اللمبي الذي سجن نفسه داخل شخصيات معينة جعلته يبتعد ويفقد الكثير من شعبيته، رمضان يكرر نفس الشيء، كما فعل النجم عادل إمام في السنوات السابقة لكنه عاد مرة أخري بمسلسل يحظي بنسبة مشاهدة عالية.

 ما يقدمه محمد رمضان ليس دراما بل نصائح وخطب ومواقف، الدراما قائمة علي الأختلاف والتناقض بين البشر والخطأ والصواب وغيرها من الأحداث خلال المسلسل.

قديما كان يطلق علي مجموعة من الأفلام التجارية أو المقاولات، وتحديدا التي ينتجها السبكي وأولاده، لكن أصبح  لدينا مسلسلات تجارية التي لا تقدم شيئا، كما يفعل محمد رمضان في مسلسله نسر الصعيد، القليل جدا من الفنانين هم من حققوا المعادلة بين القيمة الفنية التي تقدم علي الشاشة الصغيرة والتوليفة التجارية، محمد رمضان هو أستاذ مسلسلات المقاولات التي ينتجها من أجل شريحة معينة من المواطنين، جاء بها من السينما إلي الشاشة الصغيرة، وجعل الآف من الشباب المحبط يجري وراءها ويبحث عنها.

صعود عادل إمام وهبوط محمد رمضان،  دليل علي أن التواجد المستمر كل عام في رمضان بدون فكرة جيدة تجعلك تخسر الكثير، وللأسف راهن رمضان علي وجوده في المسلسل فهو كفيل بنجاحه، لكنه خسر بكل تأكيد وسقط فريسه سهلة في التكرار، الفنان الكبير خسر الكثير من رصيده عندما ظل متواجد خلال السنوات الماضية وتحديدا مع الكاتب يوسف معاطي، وسوف يتحرر أكثر الفنان عادل إمام عندما يستغني عن نجله المخرج رامي إمام، الذي سقط هو الأخر في التطويل والمط الذي لا طائل منه، بالإضافة إلي الرتابة التي تعيب بعض المشاهد، ولكن علينا أن نؤكد أن عوالم خفية هو نقلة جديدة تضاف إلي تاريخ النجم عادل إمام، ونسر الصعيد لمحمد رمضان خسارة جديدة تجعله يفقد الكثير من نجوميته التي بناها خلال فترة وجيزة.

هل ذنب علينا أن يظل الممثل كابس علي نفسنا كل رمضان بحجة أنه نجم، دون أن يكون هناك نص جيد ومخرج رائع، للأسف نحن نستهلك الممثل حتي أخر قطرة، معتمدين علي نجوميته، علي محمد رمضان أن يلحق نفسه، وإلا أجبر علي التنحي وترك الساحة لغيره، فالمشاهد لا يرحم عندنا في الوطن العربي، عندما يسقط الفنان يتركه فورا ويبحث عن البديل، كلمة أخيرة للفنان محمد رمضان دعك من التكرار وحاول البحث عن مساحة أخري تخرج منها الممثل الرائع المختفي.