الجمعة، 3 ديسمبر 2021

ملك الترسو فريد شوقي: رأيت إعدام زوج عمتي

فريد شوقي


 كتب عماد خلاف

لقب بملك الترسو والسينما والفتوة، وغيرها من الألقاب التي ظلت تلاحق فريد شوقي طيلة حياته وبعد مماته، حصل علي جائزة الدولة عن قصة، "جعلوني مجرما"، وجائزة الإنتاج من مهرجان برلين عام 1994،  ووسام العلم عام 1955، كما كرمه مهرجان القاهرة السينمائي عام 1994، ولا يمكن أن ينسي زملاءه الفنانين تأسيسه اتحاد الفنانين في عام 1986، مسيرة حافلة بالأدوار السينمائية التي تألق فيها فريد شوقي.

من بين الحكايات القديمة التي رواها فريد شوقي في مذكراته ما حدث له في طفولته، قائلا: تقدم زوج عمتي بخطوات ثابته نحو المقصلة، لم يرتجف عندما وضعوا حبل المنشقة حول عنقه، ولم تذرف عيناه دمعة واحدة وهو يودع الحياة الوداع الأخير قبل أن يصل إلي سن الثلاثين، وسألوه السؤال التقليدي، ماذا تطلب يا محمود؟ ونظر إلي زوجته، عمتي الشابة البارعة الجمال التي وقفت وقلبها يتمزق وهي تري زوجها يساق أمامها إلي الموت دون أن تقدر علي الاعتراض، لحظة الوداع مؤثرة، ومنظر رهيب مفجع، وتعلقت نظراته الأخيرة بابنه، الطفل الصغير الراقد فوق صدر زوجته، لا يفهم سر دموع أمه، التي لا تتوقف، ولا يعرف لماذا يضعون هذا الحبل الغليظ حول رقبة أبيه

ولم يقل محمود إسماعيل زوج عمتي سوي جملة واحدة، "أنا وزوجتي وأبني فداء للوطن، ثم صمت إلي الأبد، واستمر نفس المنظر الكئيب، وتكرر ست مرات أخري، وتقدم عامل في السكة الحديد بنفس الثبات نحو حبل المشنقة ليسألوه نفس السؤال

-ماذا تطلب قبل الإعدام؟

وقال العامل الفقير الأمينن أنا مدين لعم حسنين البقال بمبلغ ثلاثة جنيهات وأربعين قرشا، أدفعوهم له بعد ما تشنقوني.

ثم تقدم الخمسة الأخرون ليسمعوا نفس السؤال، وليعيشوا نفس الموقف الرهيب الذي تنخلع وتهتز له أقوي وأقسي القلوب.

عادت عمتي لتقيم معنا في البيت لقد أصبحت أرملة وهي في قمة شبابها وجمالها وكان عزاؤها الوحيد أن زوجها محمود إسماعيل مات بطلا فهو رئيس جمعية اليد السوداء التي كانت تضم نخبة كبيرة من شباب مصر الوطنيين المخلصين الذين لم يكن لهم إلا هدف واحد، الكفاح ضد الاستعمار الإنجليزي.

لقد فوجئ الإنجليز بل فوجئت مصر كلها بنبأ مقتل السردار الحاكم الإنجليزي، ووجهت تهمة القتل إلي هؤلاء السبعة من خيرة شباب جمعية اليد السوداء، وضغط الإنجليز بشدة علي القضاء المصري لكي يصدر حكمة بالإعدام شنقا لرئيس الجمعية زوج عمتي وزملائه الست الأخرين.

تفتحت عيناي علي الحياة في عام 1925 وأنا أسمع هذه القصة كل يوم تقريبا وعمتي الأرملة تقيم معنا في نفس البيت الذي مازلت أذكره جيدا.

مسيرة فريد شوقي حافلة بالأفلام والمسلسلات والمسرحيات وصلت إلي 385، تألق خلالها في أدوار عديدة تنوعت ما بين الطيب والشرير والبخيل، وغيرها من الأدوار التي أكدت نجومية ملك الترسو الذي حفر أسمه وسط عباقرة الفن.