الاثنين، 29 مايو 2023

عماد خلاف يكتب.. بعد الشر علينا من كوميديا «علي ربيع»




الصدفة وحدها هي من جعلتني أتورط في مشاهدة فيلم «بعد الشر»، ساعتين إلا ربع من الاستظراف المبني علي الكلمات البايخة والرخمة والأفيهات المستهلكة التي يعاد قولها بدون بناء درامي محكم وكأنها دردشة بين شخصين أو ثرثرة كلامية لا طائل من وراءها، محاولات بائسة من الممثلين الذين ظهروا في الفيلم لإضحاك المشاهدين، توليفة من الوجوة تم وضعها في مشاهد متصلة لتكون النواة لفيلم يقولون أنه «كوميدي»، وكالعادة صدقنا ما قالوه وتوكلنا علي الله ربما يكونوا صادقين هذه المرة، لكن كالعادة ضحكوا علينا ولم يضحك أحد.

وجود سيناريو ومخرج وممثلين لا يعني بالضرورة أن يكون هناك فيلماً أطلقوا عليه اسم «بعد الشر»، بداية من الفكرة التي تم تدويرها وهرسها في أفلام قديمة وحديثة، من وجود الممثل علي ربيع ويدعي سليمان أبو لبن, ويدلعوه بـ سولي ثري مستهتر غاوي بنات بلغة القرن الواحد والعشرين يمتلك ملايين الجنيهات، لديه أب يدعي أبو لبن، ويتقمص الشخصية بيومي فؤاد هو الأخر متورط في معاكسة الستات الصغيرات والكبيرات.
كاتب السيناريو قرر أن يأخذ من كل فيلم مشهدين ثلاثة ويعمل بهم توليفة جديدة، من أول حكاية محمد فوزي مع «فاطمة وماريكا وراشيل» وأحمد عز في «365 يوم سعادة» مع دنيا سمير غانم، والقائمة مليئة بالأفلام المتشابهة، والتي تحكي عن شاب يرفض فكرة الزواج ويلهو بالفتيات، وتقرر أحدي الفتيات وأسمها في الفيلم فرح وتقوم بالدور رنا رئيس الانتقام من حبيبها، «سولي» الذي تركها في ليلة زفافهما، بعد أن جاءه السنيد أوس أوس، وأدعي أنه ضابط شرطة، والعريس هارب من السجن ومطلوب القبض عليه، ويلحقه قبل أتمام الزواج.
بعد ذلك تتحول المشاهد بدون منطق درامي، ويجد سولي نفسه سيدة غير مكتملة الأنوثة من خلال أبراز الجزء الأمامي من صدرها ويبقي كل شيء كما هو علي أمل أن يضحك المشاهدين، وبعد الثانية عشر ليلآ يرجع مرة أخري إلي طبيعته الإنسانية، ويتحول مرة ثانية إلي قرد وبعدها يطير في الهواء، ويتم وضعه مع صديقه في مستشفي الأمراض العقلية «العباسية» كل ذلك كان بسبب قوله كلمة «بحبك» للفتاة الأخري «مريم» التي أحبها وتتقمص شخصيتها ميرنا نور الدين، وتقرر فرح التي تركها سولي في ليلة زفافها الانتقام منه من خلال السحر بمساعدة أبيها عمرو عبد الجليل الذي شارك في الفيلم وهو مجبر، فلم يرهق نفسه في تقمص الشخصية كما فعل أيضا بيومي فؤاد، ومن قبلهم رنا رئيس الذي تم إسناد الشخصية إليها ولم تكن مناسبة له، وعلي ربيع لم يكن في أحسن حالاته كعادته، الكل كان سيئاً ماعدا ميرنا نور الدين في بعض المشاهد والتي حاولت قدر استطاعتها أن تقنع المشاهدين بالشخصية، ويظل السؤال الذي يتكرر علي شفاه الجالسين، ما هو الموضوع بالضبط؟.
عنوان الفيلم غريباً ولا يعبر عن مضمونه وكان من الممكن أن يحمل اسم أخر، وليكن مثلا «يالا نهرج» كما يفعلون في مسرح مصر، ولا يوجد سبب لأطلاق هذا الأسم إلا من خلال مشهد كتاب مكتوب عليه بعد الشر وبفتح صفحاته كانت صورة علي ربيع موجودة وبجانبها مربعات للتدليل علي أنه معموله سحر.
الحبكة والبناء الدرامي في الفيلم مترهل، من خلال حشر مشاهد كثيرة حتي تكتمل الصورة، والحوار مليء بالجمل المحشورة والموضوعة بشكل ملفت، وتصاعد الأحداث بطيء جداً ولا يوجد عمق في رسم الشخصيات حيث جاءت كلها سطحية، ولم يتعرف المشاهد إلا علي بعض التفاصيل القليلة، لذلك نحن أمام فيلم مليء بالعيوب في السيناريو والحوار والقصة، حتي أن المخرج أحمد عبد الوهاب الذي جاء بعد تجارب قليلة كان فيها مساعد مخرج ليكون فيلم «بعد الشر» هو أول أفلامه الإخراجية، لكن للأسف لم يكن موفقاً إلي حد كبير، وكان واضحاً أن الفيلم تم تصويره بسرعة والانتهاء منه حتي يكون جاهز للعرض في عيد الفطر 2023.
هذه النوعية من الأفلام الذي يطلقون عليها كوميدية لا تبقي في الذاكرة وتنسي بمجرد رفعها من قاعات العرض في السينما حتي لو تم عرضها في بعض القنوات الفضائية، سوف يبتعد عنها المشاهدين، وينتهي بها المطاف إلي رقم جديد يوضع في أرشيف السينما المصرية التي تعاني من جودة الأفلام إلا قليلاً.