الاثنين، 27 يونيو 2022

«حسن أتله».. الممثل الذي غار منه إسماعيل يس

 

إسماعيل يس وحسن أتله

ما زال التاريخ يخفي بين طياته الكثير من الحكايات عن ملوك الكوميديا الأوائل في الوطن العربي، الذين ساهموا في رسم الضحكة علي شفاه الملايين، وأسسوا لهذا الفن ووضعوا أساسياته، أنهم نجوم الزمن الجميل، أعمال هؤلاء الكبار لا تزال باقية حتي اليوم، ولازالت تضحك الأجيال، جيل بعد جيل.

من منا ينسى، نجيب الريحاني، علي الكسار، إسماعيل يس، زينات صدقي، عبد الفتاح القصري، ماري منيب، بشارة وكيم، فؤاد المهندس، وعبد السلام النابلسي، ودريد لحام، وعبد الحسين عبد الرضا، وغيرهم ممن حفروا أسمائهم في تاريخ السينما والمسرح، بالإضافة إلى سرد حكايات الكوميديان في الوطن العربي، من المؤكد أن لدينا الكثير من الفنانين في هذه البلدان، فلولا الضحكة ما كانت هناك حياة.

لم يكن أحد من المشاركين في فيلم «إسماعيل يس في مستشفي المجانين»، ولا حتي المخرج عيسي كرامة ولا كاتب القصة والسيناريو والحوار عباس كامل وعبد الفتاح السيد، يعرفون ما سيفعله الفنان الكوميدي «حسن أتله»، في المشهد الخاص به، عندما كان يخبط علي كتف حسونة الفطاطري، قائلا: «سي لطفي، وعندما يلتفت له، لا مؤاخذة يا والدي أنا عمك شفيقة، أصل أنا عندي شعره، ساعة تروح وساعة تيجي، ليستمر في تكرار هذا المشهد خلال وجود حسونة الفطاطري داخل مستشفي المجانين بجانب عبد الفتاح القصري.

هذه الواقعة دونتها هند رستم في كتاب لأيمن الحكيم بعنوان «هند رستم.. ذكرياتي»  وأضافت، إن سبب نجاح الفيلم هو ممثل مغمور وليس أنا ولا إسماعيل يس ولا زينات، اسمه «حسن أتله»، كان يقوم بدور مجنون واشتهر بلازمة صارت معروفة بعد ذلك وتسببت في نجاح الفيلم «أصل أنا عندي شعرة ساعة تروح وساعة تيجي».

وتابعت هند رستم، أثناء التصوير شعر إسماعيل إن اللازمة دي هتضرب، فافتعل خناقة مع «أتله» وضربه بالقلم، وكان «أتله» ذكيا فلم يترك العمل، واكتفي بكلمات طيب بها المخرج خاطره، وفي أثناء الاستراحة أرسل «أتله» شخصا ليحضر له شيئا وعندما أعيد المشهد فوجيء إسماعيل وفوجئنا به يخرج من جيوبه «صاجات»، ولم يكن ذلك موجودا في السيناريو، وقال اللازمة بتاعته، فخرجت من أحسن ما يمكن، وما زال الناس يضحكون لها حتي اليوم.

ورغم ما قالته الفنانة الكبيرة عن غيره إسماعيل يس من «أتله»، في عام 1958 في فيلم «إسماعيل يس في مستشفي المجانين»، يستعين به المخرج عيسي كرامة بعدها بعام واحد 1959  في فيلم «حماتي ملاك»، ليبدع في دور صبي الحانوتي في مجموعة من المشاهد لن ينساها الملايين في الوطن العربي، ومادار بين الحانوتي «خميس» والصبي «غزال»،«وديت الميت فين يا واد يا غزال»، «أنت كلت المرحوم يابن المفجوعة»، أبدا يا معلمى،  دى منبه منبه يا معلمي».

 


«63» فيلم هو تاريخ «أتله» السينمائي،  البداية كانت في فيلم «أحب الغلط»، عام 1942، وأخر الأعمال الذي شارك فيها عام 1971 «الحسناء واللص»، مع سهير رمزي، وحسن يوسف، بالإضافة إلي مشاركته في دور فدائي في فيلم «كيلو 99» 1955، كما شارك «أتله»، في فيلم «خضرة والسندباد القبلي» عام 1951، في دور «كوتلا»، مع شكوكو وعلي الكسار ومحمود المليجي، وكمال الشناوي، ودرية أحمد. ورغم الانسجام الذي حدث بينه وبين الفنان إسماعيل يس، ومشاركته في العديد من الأفلام، لكنه شارك العديد من الممثلين ما بين رشدي أباظة، وفريد شوقي، وغيرهم من الممثلين.

تنوعت أدوار «أتله»، الكوميدية منذ أكتشاف المخرج  فطين عبد الوهاب له حيث شارك فؤاد المهندس في فيلم «اقتلني من فضلك»، بجوار شويكار وأبو بكر عزت في عام 1965، مع المخرج حسن الصيفي، وتأليف حسن حامد، ومن بين المشاهد العالقة في أذهان الكثير، عندما استرجع «أتله»، ما فعله في فيلم «إسماعيل يس في مستشفي المجانين»، باستنساخ المشهد السابق، مع أختلاف العبارة مرددا «بره البطيخة جوه البطيخةۚ»، مع وجود الصاجات في يده، ويتمايل هو والفنان فؤاد المهندس، وتدور أحداث الفيلم في إطار كوميدي ساخر حين يعتقد أحد الشباب أنه سيموت خلال بضعة أسابيع، فيقرر التخلص من حياته سريعا، ويتفق مع أحد اللصوص الذي جاء ليسرق منزله علي قتله في غفلة منه مقابل مبلغ من المال.

كما تألق في دور مجنون من جديد مع فؤاد المهندس في فيلم «أعترفات زوج»، وكانت اللازمة هذه المرة  «ما فيهاش بيبي»،  كما شارك أتله العديد من الفنانين منهم كمال الشناوي ودرية أحمد، في فيلم «مغامرات خضرة» في عام 1950، وقام بدور رجل الزار.

«حسن أتله» صبي الحانوتي الذي أضحك الموتي ولد في عام 1914 في مدينة بورسعيد،  وبدأ نشاطه الفني بالإذاعة وتحديدا في برنامج «ساعة لقلبك» وشكل ثنائي غنائي كوميدي مع الفنان حسان اليماني، الثنائي الذي عرف باسم «حسن وحسان» ولكن انفصلوا بعد فترة.

لا يمكن أن ننساه  حتي لو ظهر في مشهد صغير ضمن فريق المصارعين لحراسة سراج منير في فيلم «عنتر ولبلب»، للمخرج سيف الدين شوكت، وكان ضمن فرقة موسيقية في فيلم «صاحبة العصمة» يغني مع إسماعيل يس والفرقة «يا سلام يا ما أنت كريم حفلة من غير معازيم»، بالإضافة إلي غنائه «سلم علي» في فيلم «إسماعيل يس في الجيش» كلمات فتحي قورة وألحان منير مراد.

استغل أتله هيئته وبدانته في القيام بالعديد من الأدوار المتنوعة، وقام بالمشاركة في أربعة أفلام دفعة واحدة في عام 1950، هم مغامرات خضرة، وجوز الأربعة، ومكانش على البال، وأسمر وجميل.

كان أتله يمتلك محلا لبيع، وتأجير الألات الموسيقية في شارع محمد علي، ورثه عن والده،

رغم صغر مساحة الأدوار الذي شارك فيها أتله، لكنه سيظل أحد ملوك الكوميديا في الوطن العربي الذي حفر اسمه بجانب العديد من الممثلين الأوائل، ليرحل عن عالمنا في عام 1972 تاركا وراءه عشرات الأفلام والمشاهد الخالدة.

عماد خلاف

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق