الثلاثاء، 19 أكتوبر 2021

نجيب الريحاني يحاور الموت ويهرب من عزرائيل بسبب سيجارة

 

نجيب الريحاني


عماد خلاف

من بين المواقف التي لا ينساها ملك الكوميديا نجيب الريحاني، ويحكيها عن نفسه بشكل دائم ومستمر ما كتبه  في 6 يناير من عام 1947، بجريدة الاثنين والدينا، وتحديدا في العدد رقم 656، عندما تذكر ما حدث له في ليلة غابرة، وأصيب بالسعال وظل يعاني من المرض طيلة ساعات الليل، واقترب منه الموت بعد أن شرب سيجارة، فتحولت ليلته إلي جحيم لولا أن جاءت الخادمة، لتراه مكورا في ركن الغرفة، بعد أن أصيب بالأعياء الشديد جراء السيجارة الملعونة.

وكانت مجلة الاثنين والدينا يطلبون من الفنانين أن يسجلوا بأيديهم حكايتهم بعيدا عن المسرح والسينما، ومن بين هذه الحكاوي ما كتبه نجيب الريحاني قائلا:

لم تكن لي مع المرض معاملات ولا استلطافات من قبل ولو أنه كان يتحفني أحيانا برسل خفيفة كنت ألقاها ضاحكا غير مكترث، ولكن لم ألجأ إلي الحكمة الطبية في يوم من الأيام، خوفا من فأل الذي قال:

"من عاش بالحكمة مات بالحكمة"، وذات ليلة صباحها أغبر، وجدتني وحدي أعد نجوم الليل مكرها لا بطل، إكراما لقدوم عاصفة هوجاء من السعال، وطلع النهار فوجدني صاحيا أول الناس، فأنا لم أنم قط، ومضيت أقاوح وأعمل لنفسي قهوة الصباح، فأذا بي أشعر أنني أثقل من اللازم، في الجسم لا في الدم طبعا، وشعرت علي أثر نوبة من السعال، أن أنفاسي غصت في حلقي ، فلا تريد الطلوع ولا النزول.

وقلت لنفسي وقد غازلني طيف الموت "رحت يا أبو الكشاكش في تنشيقة هوا، وعدت أجادل وأصاول فأشغلت سيجارة من غير وعي، أو لعلي نسيت أن هذا هو الداء الذي قرب عزرائيل من ساحتي، وكادت تكون أخر سيجارة في العمر.

سلمت نفسي ووجدتني وجها لوجه مع عزرائيل الذي جاء يشن علي حربا بلا هوادة فيها وليس لي علم هل أخرج منها منتصرا ظافرا أو لا أخرج منها قط.

ورأيت في تلك الساعة كأني أعمل بروفة لقيام الساعة فقد كان الموت يواجهني عيانا جهارا وهو يحاورني، ويمد يده البغيضة لينتزع روحي.

عرفت وغرقت وكادت الروح أن تفارق قواعدها، لولا أن أرسل الله لي خادمتي، فهالها أمري، وأفقت بعد ذلك فوجدتني أحاول القيام متناسيا حكاية ماحدث، فأذا بي عيان وعيان فعلا، وجاءني أطباء بين مختص وغيرهم، فكان كشف أحدهم طويل المدي، طالبني بعدها أن أسكن المستشفي حالا بالا.

وقد أجمعت حجج الأطباء علي أن المتهم في هذه القضية هو السجاير، فانتفضت واقفا لأهتف بسقوطها، ولا عجب فقد خيرت بين إبطال السجاير، أو إبطال الحياة، فاخترت أن أفوز بالحياة، فهي ممكنه بغير سجاير وأما السجاير فهي غير ممكنة أبدا بدون حياة.

نجيب الريحاني تاريخ طويل من المسرح الكوميدي، ويعتبر أحد أهم الممثلين التي قامت علي إيديهم حركة مسرحية، جاء إلي الدينا في 21 يناير 1889 ورحل عنها في 8 يونيو 1949، بعد تاريخ حافل علي خشبة المسرح وقدم 55 مسرحية، وشارك في 17 فيلم، وأنتج 2 فقط وتم إخراج مسرحية ريا وسكينة في عام 1922، بينما شارك في كتابة فيلم لعبة الست عام 1946، وبطولته، وسلامة في خير، وسي عمر، والستات ما يعرفوش يكدبوا، وفيلم حسن ومرقص وكوهين، وفيلم غزل البنات عام 1949 ليكون أخر فيلم يشارك فيه نجيب الريحاني العبقري، وألف فيلم 30 يوم في السجن، وإلا خمسة، وحكاية كل يوم، والعائلة الكريمة، والسكرتير الفني، وغيرها من الأفلام والمسرحيات التي شارك في تأليفها مع المبدع بديع خيري.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق