الأحد، 3 أكتوبر 2021

سناء جميل وعلاقتها بمؤلف هارب من الخانكة

 



عماد خلاف

بعد مجيء ثريا يوسف عطا الله أو سناء جميل اسمها الفني، إلي الدنيا، ومرور تسع سنوات من عمرها، تركها والدها ورماها في مدرسة داخلية، ودفع لها مصاريف الدراسة إلي المرحلة الثانوية، ومن بعدها اختفي تماما من حياتها دون أن تعرف السبب الحقيقي وراء  فعلته الشنعاء.

وعند العشرين من عمرها جاء إليها شخص وقال أنه صديق والدها، وإنه طلب منه أن يتبناها، دون أن يفصح لها سبب هجر أبوها وأمها لها، وفر لها سكن في بيته، ومع إلحاح سناء جميل علي التمثيل طردها من بيته، لكي تقابل زكي طليمات وتبدأ رحلة الفن معه.

بعد 72 عاما رحلت عن الدنيا تاركه وراءها 188 عمل فني، لم تنجب بعد زواجها من الكاتب الكبير لويس جريس، كان يهون عليها وحدتها التي طالت، وعند وفاتها ترك جثتها في الشقة لمدة 3 أيام علي أمل أن يظهر أحد من أقرباءها، ويقرأ خبر وفاتها في الصحف أو المجلات، لكن بعد كل هذا راح بها إلي المدافن ليواري جسدها التراب.

ومن بين المواقف التي تحكيها الرائعة والجميلة سناء جميل، ماحدث لها عندما ذهبت إلي الإذاعة لكي تشارك في مسلسل إذاعي قائلة:

استدعيت ذات يوم للاشتراك في تمثيلية إذاعية، وذهبت في الموعد المحدد إلي مكتب المخرج المختص بإخراج التمثيلية لا تسلم نسخة منها وأقوم بتأديه التجارب المعتادة قبل التسجيل، ولكنني لم أجد المخرج الذي كان قد غادر مكتبه لقضاء بعض الأعمال العاجلة، ووجدت بدلا منه رجلا لم أكن قد رأيته من قبل، فلما سألته عن المخرج أخبرني بأنه ذهب لبعض شأنه وأنه سيعود بعد قليل، فجلست في انتظاره.

وبدأ الرجل يحدثني في أدب جم، فلما عرف أنني جئت لإجراء "بروفة" التمثيلية، قال:

-أذن اسمحي لي أقدم لك نفسي، أنا فلان مؤلف التمثيلية اللي حضرتك حا تقومي فيها بدور البطولة.

وبعد أن أبديت له تشرفي بلقائه مضي يشرح لي فكرة القصة، وطبيعة الدور الذي سأمثله فيها في أسلوب يتم عن الذوق والفهم، ووجدت نفسي أمدح فكرته، وأثني علي تذوقه لفن التمثيل، ثم طلبت منه أن يسمح لي بنسخة من الرواية، ثم طلبت منه أن يسمح لي بنسخة من الرواية لأطالعها حتي يعود المخرج المختص من مهمته.

وعندئذ قدم لي الرجل نسخة من الرواية التي كانت طوال الوقت يحملها في ملف معه، وعرض علي أن يقوم بدور البطل مؤقتا حتي يحضر الممثل الذي سيعهد إليه بالدور، فشكرته وأخذت أراجع الدور معه.

وإلي هنا كان الأمر عاديا ولكن الشيء الذي دهشت له، أنني لاحظت لأول وهلة أن الرواية سخيفة إلي درجة لا تحتمل المناقشة، ومع ذلك خشيت أن أبدي هذه الملاحظة فأجرح كرامة المؤلف، وقلت في نفسي أنني لن أخسر شيئا إذا ما كتمت هذه الملاحظة حتي أبوح لها بالمخرج، أو علي الأقل إلي أن أجد الوقت المناسب للاعتذار عن قبول الدور.

وعدت أراجع التمثيلية مع المؤلف ولكن كلما تعمقنا سطرا أزدادت الرواية سخفا بل ربما كانت أشبه شيء بهذيان محموم أو خطرفة مجنون.

وكان ثمة سبب جعلني أحجم من إحراج الرجل، ذلك أنه كان يؤدي دور البطل بإحساس عميق، وكانت كلمات الحب علي تفاهتها وسخفها تخرج من فمه وكان نبضات قلبه.

وهكذا وجدت نفسي مضطرة إلي مجاراته في البروفة حتي انتهت التمثيلية وحمدت الله.

وبعد لحظات عاد المخرج المختص وعندما رأي الرجل قال له بغضب.

-هو أنت يا أخي ورايا ورايا، هم سيبوك من الخانكة علينا.

واتضح لي أخيرا أن هذا المؤلف لم يكن سوي مجنونا يطارد مخرجي الإذاعة بتثمثيلية المخرفة، ووقعت أنا في براثنه.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق