الأحد، 19 سبتمبر 2021

فاتن حمامة طردت الموسيقار محمد عبد الوهاب من الأستديو.. وأحبت المعلم كريم

 



عماد خلاف

لازالت سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، أيقونة الحب والشموخ والكبرياء وعزة النفس، ما بين الفلاحة في فيلم الحرام، وترديدها "جدر البطاطا هو السبب" مأساة فلاحة بسيطة خرجت مع عمال التراحيل بعد أن شلت حركة زوجها بسبب مرض البلهارسيا، تتنقل فاتن حمامة في هذا الفيلم الذي إخرجه هنري بركات، ما بين اليأس والأحباط وإلتقاط بسمة تترسم علي الشفاه المحبطة، حكاية رسمها ونسج خيوطها وألفها المبدع يوسف إدريس، ليتم ترشيح الفيلم لنيل جائزة السعفة الذهبية لمهرجان "كان" السينمائي في فرنسا عام 1965، كما يحصل الفيلم علي المركز الخامس ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية في استفتاء النقاد.

يكفيها هذا الفيلم فاتن حمامة حتي تجلس متربعة علي عرش السينما العربية والمصرية، هي البنوتة الصغيرة التي جاءت من المنصورة إلي القاهرة، يملأها الأمل والحلم في أن تكون ممثلة بعد أن شاهدت فيلم لآسيا، وبعد أن نزلت كلمة النهاية علي تتر الفيلم، رأت التصفيق الحار من المشاهدين في السينما، من ساعتها حلمت أن تكون ممثلة، ليساعدها والدها الموظف في وزارة المعارف،  ويقرأ خبر في الصحف عن احتياج المخرج محمد كريم،  لطفلة لكي تقوم بدور أمام موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، لتبدأ السيدة الذي حيرت ملايين المشاهدين بأدورها المتعددة، أول مشاهدها في السينما.

111 فيلم هو تاريخ فاتن حمامة في الإبداع السينمائي، تتنقل ما بين شخصية وأخري، ومن ضمن الحكايات التي ترويها سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة، بدايتها مع معشوقة الملايين السينما، وحكايتها مع المخرج الكبير محمد كريم، ومحمد عبد الوهاب في بداية حياتها عندما أخذها والدها إلي القاهرة لتبدأ رحلة النجومية والتألق والإبداع.

تروي فاتن حمامة حكايتها مع السينما وأول أدورها، قائلة: قابلت المخرج محمد كريم  أنا ووالدي الذي وقع معي بعد اختبار كقصير عقدا للقيام بدور أنيسة في فيلم "يوم سعيد".

وبدأت أتردد علي مكتب محمد عبد الوهاب كل يوم، ليقوم المخرج محمد كريم بتدريبي علي التمثيل والوقوف أمام الكاميرا، كنت أستيقط كل صباح فأجلس علي سريري الصغير وأقول لأبي: بابا أحنا مش رايحين عند المعلم كريم النهاردة، وكان أبي يضحك عليا ويقول لي: المعلم.. طبعا.

هكذا صور لي خيالي مخرجي الأول، صور لي معلما فقد كان المعلم أو المدرس أقرب الشخصيات إلي نفسي بعد والدي، والطفل عادة لا بيتعد كثيرا في تشبيهاته وتصويره البدائي للأمور عن المحيط الذي يعيش فيه، ومن هنا كان مخرجي الأول في نظري معلما.

وكان كريم يستقبلني علي الرغم مما اشتهر به من عصيبة بابتسامة مشرقة وكنت أري علي مكتبه دائما عشرات الهدايا وقطع الشيكولاته الكبيرة، وكانت هذه الهدايا وقطع الشيكولاته، وعودا صامتة من المخرج ونداء لللإجادة، فكنت كلما اتقنت مشهدا من المشاهد حصلت علي أحداها.

وتستكمل فاتن حمامة حكايتها مع البداية، قائلة: وقد عرفت فيما بعد أن دور أنيسة لم يكن بالصورة التي ظهر عليها في الفيلم، كان دورا ثانويا قصير لا يتطلب ظهور صاحبته علي الشاشة أكثر من دقائق قصار، ولكن كريم أزاء ما رأه مني ومقدرة ولمسه من موهبة، وهذا كلامه أنقله بأمانة وبلا غرور، رأي أن يعيد كتابة القصة في كل ما يختص بدوري، وقد أقنعني التغيير في الدور وأدخل تعديل كبير علي السيناريو بأكمله، كما استعان المخرج بثلاثة من كبار كتاب الحوار ليضعوا للطفلة الصغيرة حواارا يلائم سنها.

كنت الزائرة اليومية الوحيدة لمكتب عبد الوهاب، كما كان كريم هو الوحيد الذي التقي به هناك، ولكني لاحظت في أحد الأيام وجها أخر غير كريم، وجها أحمر صاحبته ممتلئة الجسد تتكلم بطلاقة لغة لا أفهمها، ويوافقها كريم علي حديثها بزات من رأسه، وقد وقفت الزائرة تتأملني طويلا ثم أمسكت ورقة وقلما وراحت ترسم خطوطا سريعة، وبعد انتهت من الرسم غرضته علي كريم فأدخل عليه بعض التعديلات.

وبالرغم من أن زيارة السيدة الغريبة أثارت فضولي إلا أنني لم أسال ممكن تكون، أو ماذا كانت تريد، وعرفت فيما بعد أن هذه السيدة لم تكن إلا حالكة ثياب الممثلات، وقد جاءت يومها لتصمم لي ملابس الفيلم.

وتابعت فاتن حمامة حكايتها مع السينما، جاءوا لي بضع جلابيب من النوع الريفي ذي الألوان الزاهية، ورفضت بشدة أن ارتديها وصحت قائلة: مش ممكن ألبس زي دادة نفوسة.

وقد حاول والدي ومحمد كريم، إقناعي بكل الحيل بلبس جلابية نفوسة كما اسمتميتها وقد أحضر لي ثياب جديدة وقبل أن ألبسها ألبس الجلالبيب في الفيلم، ووافقت.

ودبأ العمل في الفيلم دخلت الأستديو لأول مرة، وقولت لموسيقار الأجيال، محمد عبد الوهاب، بصوت عالي، :أنت راح تشتغل كويس وإلا نجيب غيرك.

ولم يضحك عبد الوهاب وحده وأنما ضج الجميع معه بالضحك كل من في البلاتوه ووقفت أنا في دهشة من تصرفهم أسال نفسي: اشمعني المعلم كريم يطرد الممثلين ويجيب غيرهم وأنا لأ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق